يُعتبر كتاب "الحصولُ على نعم"، دليلًا لمُساعدتِكَ على التفاوُضِ بشكلٍ أفضل، وللحصولِ على ما تُريد.
في هذا الكتاب، يُقدمُ المؤلفانِ روجر فيشر وويليام يوري طريقةً لتجنُّبِ النِزاعات، ولإجراءِ مُفاوضاتٍ رابحةٍ لِكِلا الطَرفين. سيُعلّمُكَ الكتابُ أيضًا، كيفيةَ التعامُلِ مع العواملِ العاطفيةِ للمُفاوضِين، وفَهْمِ مشاكلِ الطرفِ الآخر، وكيفيةِ إيجادِ أرضيةٍ مُشتركةٍ لإنهاءِ الصَفقات.
اكتشف طريقةً جديدةً للتفاوض
أيُّ تَفاوضٍ يتكونُ من جزئين أساسيين. الأول: هو، ما الذي تسعى لتحقيقه؟ والثاني هو كيف تُقايِض، أو طريقةُ التفاوض.
يهتمُ أغلبُ الناسِ بـ "ما" التي تُشيرُ إلى مُحتوى التفاوضِ نفسِه، مثلِ بيعِ البرامجِ أو شراءِ سيارة. ولكن المُهمُ حقًا، هو "كيف"، والتي غالبًا لا تنجحُ المُفاوضَاتُ بسببها، وليس بسبب "ما".
عمليةُ التفاوضِ يمكن أن تَتْبَعَ مسارين مختلفين. أولًا: التفاوضَ السَلِس، حيثُ يتجنَبُ كلا الطرفينِ التفاوضَ الصعبَ. في هذا التفاوض، يقبلُ أحدُ الطرفين عرضَ الطرفِ الآخر، لكن هذه السلاسة من المحتملِ أن تجعلَ الطرفَ الآخرَ، يشعرُ في وقتٍ لاحقٍ بالاستياء والاستغلال.
ثانيًا: التفاوضَ الصعب. في المفاوضاتِ الصعبة، يتنازلُ الشخصُ الذي لديه قدرةٌ أقَلّ على تحمّلِ الضغط.
بدلًا من الاختيار بين التفاوضِ السَلسِ -المبنيِ على المُرُونةِ- والتفاوضِ الصعبِ -المبنيِ على الصَرَامة-، يُقَدّمُ لنا “مشروعُ جامعةِ هارفارد للتفاوض” نوعًا جديدًا مبنيًا علي المبادئ. يقومُ هذا المبدأُ على أربعِ نِقاطٍ أساسية وهي:
١- الناسِ: افصلْ بين الشخصِ وبين المشكلةِ مَحِلّ التفاوض.
٢- الفائدةِ: وجه تركيزَكَ نحو الفائدةِ المَرجُّوةِ، بدلًا من التمسُّكِ بموقفِكَ الذي تتخذه.
٣- الخَياراتِ: قم بتوفيرِ عدةِ خَياراتٍ وبدائلَ قبلَ أن تُقرِرَ ماذا تفعل.
٤- المَعايير: ضع معاييرَ وأهدافًا للنتيجةِ التي تُريدُ أن تَخرُجَ بها، من عملية التفاوض
فَهْمُ عواطفِ وتحيُّزاتِ الطرفِ الآخر
في التفاوضِ، قد تكونُ المشاعرُ أكثرَ أهميةٍ من الكلام؛ حيثُ أنّ من الصعبِ للغاية، أن يكونَ أحدٌ ما موضوعيًا في التفاوض، فالبشرُ يُشرِكون عواطفَهُم في كلِ شيء. العواطفُ ستؤثرُ على تواصلِنَا، بل وستؤثرُ على كيفيةِ إدراكنا لتواصل الآخرين. لذلك من المُهمِ أن نتذكرَ أنّ المفاوضين في كلا الجانبين، هم أشخاصٌ. يتأثرون بالعواطفِ والخِبْرَاتِ والأفكارِ المُسْبقة.
أثناءَ التفاوض، أنت لا تتعاملُ مع حقائقَ جامدة، بل تتعاملُ مع إنسانٍ، لديه عواطفُ وتحيزُّات. عدمُ مراعاةِ ذلك، يمكن أن يؤدي إلى سُوءِ الفَهمِ أو العداءِ، حتى قبلَ أن تبدأ المُفاوضات. لذا، أثناءَ التفاوض، اسألْ نفسَكَ باستمرارٍ عن شُعورِ الطرف الآخر، كيف يشعرُ المشاركونَ في التفاوض؟ هل هم غاضبون، مثلًا؟. سيساعدُكَ ذلك على تحييدِ تأثيراتِ عواطفِ الشخصِ الآخر.
وبدلاً من محاولة تخمينِ ما يجري في رأسِ الآخر، عبِّرْ عن مشاعرِكَ بالكلماتِ، واطلبْ من الطرف الآخر أن يفعلَ الشيءَ نفسه. إنّ القيامَ بذلك بلغةٍ واضحةٍ وبسيطة، سيساعدُ أكثرَ، لأنّ الجانبَ الآخرَ لن يشعرَ بالدِفاعية.
يحدثُ سوءُ التفاهُمِ حتي مع الأزواجِ الذين ظلوا يعيشون سويًا سنوات طويلة
فلا عَجَبَ أن يحدُثَ سوءُ الفَهم، أثناءَ المفاوضاتِ مع أشخاصٍ لا يعرِفُونَ بعضَهم جيدًا. للتغلُّبِ على ذلك
يمكنك الحصولُ علي تواصلٍ فعّالٍ عن طريق الآتي:
عليك بحُسْنِ الانتباهِ والإنصاتِ لتَفْهَمَ الطرفَ الآخر.
تكلّم بوضوحٍ وعبِّر عن وجةِ نظرِكَ بدقةٍ، ليفهمكَ الطرفُ الآخر.
تحدّثْ عن نفسِكَ أنت، وليس عن الطرفِ الآخر.
مثال: ” قُل: أنا أشعر بالتمييز ضدي“ بدلا من أن تقول ”أنت عنصري“. تحدث إذا كان كلامُكَ سيضيفُ شيئًا ذو قيمةٍ، وإلا فالصمتُ هو الاختيارُ الأنسب.
في ظلِّ المعلوماتِ الكثيرةِ المُتاحة، يميلُ الناسُ إلي انتقاءِ المعلوماتِ التي تدعَمُ وجهةَ نظرِهِم، وتُضعِفُ أو تدحَضُ وجهةَ النظرِ الأخري. حتى تُقللَ من هذا التأثير، ضعْ نفسَكَ مكانَ الطرفِ الآخر، كي تُحاولَ أن تفهمَ وجهة نظره.
اعْمَلْ علي بِناءِ الأُلفةِ بينك وبين الطرفِ الآخر. واجِهوا المشكلةَ جنبًا إلي جنب، بدلًا من أن تَتِمَّ المواجهةُ بينكما، وتتركا المشكلةَ دون حل. شارِكْهُ عمليةَ الوصولِ للحل، وصُنعِ القرار النهائي. قدّمْ اقتراحاتٍ تتوافقُ مع منظومةِ القيم والمبادئ الخاصةِ بك و بالطرف الآخر، لحفظِ ماءِ الوجه.
تحويلُ خَصْمِكَ لحليفٍ والعملُ معًا لهيكلةِ اتفاقية
الجدلُ، بالإضافة لكونه مُرهقًا للغاية، فهو أيضًا، يستهلكُ الوقتَ ويضرُ العَلاقات. لا ينبغي للمرء أن يَرى التفاوضَ كسيناريو للخيرِ مُقابلَ الشر. لا تُفكر في الآخرِ كعَدُوٍّ، فكِرْ فيه كشخصٍ يقومُ بنفسِ الوظيفةِ التي تقومُ بها، ويسعى لحلِ نفسِ الموقف.
أيضًا، الجُلُوسُ مُهِمٌ. عندَ التفاوض، اِجلِسٍ بجِوارِ الشخص وليس مُقابله. اظهِرْ له الاحترامَ والتقبُّلَ. حدّدُوا معًا الهدفَ الإيجابيّ المُشتركَ، الذي تسْعَونَ إليه، ولا تُركزْ على وجودِ فائزٍ في عملية التفاوض.
من الممارساتِ الجيدةِ الأخرى، إنشاءُ إطارٍ لاتفاقيةٍ، يتمُ فيها مِلءُ الشروطِ تدريجياً مع تَقَدِّمِ المفاوضات. هذا سيمنحُ الجانبين إحساسًا كبيرًا بالتقدم، بالإضافةِ إلى الاحتفاظِ بسِجِلٍ للمُحادثةِ وتقليلِ فُرَصِ حُدوثِ سُوءِ الفَهْم.
الناسُ عادةً يتفقون في أشياءَ مثلِ الحاجةِ للحبِ والاحترامِ والأمان، ويختلفُون في أشياءَ أُخري، مثلِ طريقةِ التفكيرِ واتخاذِ القرارِ والدافع.
إليك بعضُ القواعدِ التي تُساعدك في تواصلٍ وتفاوضٍ أفضل، في حالة الاختلاف:
- كُنْ مُتحفِّظًا وحساسًا تجاه القيمِ والمُعتقداتِ والأعرافِ والتقاليدِ والآدابِ العامة.
- حاوِلْ أن تفهمَ بعُمقٍ طريقةَ تفكيرِ الطرفِ الآخر، وتواكِبُه.
- أخيرًا، اِجعلِ الطرفَ الآخرَ يُشارِكُ في عمليةِ هيكلةِ الاتفاق. إذا شارك الطرفُ الآخرُ في العملية، فمِنَ المُرَجّحِ أنْ يَقبلَ الاتفاقيةَ بِسُهُولة.
المصالحُ والاهتماماتُ هي التي تُحدّدُ معالمَ المُشكلة، وتساعدُ في الوصولِ إلي الحل
علي الرُغم من الاختلافاتِ والنِزَاعات، توجدُ دائمًا مساحةٌ مُشتركةٌ لِبَدءِ المُفاوضات. اسألْ نفسَكَ، لماذا يتمسّكُ الطرفُ الآخرُ برأيه؟ ما المصلحةُ التي تُهِمُّهُ من وراءِ ذلك؟ عادةً ما تَكْمُنُ المصلحةُ وراءَ موقِفَكَ، أو موقِفِ الطرفِ الآخر، حولَ واحدةٍ من الاحتياجاتِ الأساسيةِ التالية:
الرخاءِ الاقتصادي ، الحاجاتِ الفِسْيولوجية“
الأمان
الانتماءِ ، ”الحاجات الإجتماعية“
التقديرِ
تحقيقِ الذات
حاوِلْ تلبيةَ تلكَ الاحتياجاتِ بطريقةٍ أو بأخري.
اسأل نفسك، ما النتائجُ المترتبةُ علي موافقةِ أو رفضِ الطرفِ الآخرِ علي اقتراحاتِك، من وجهة نظره هو؟، وتذكر: عليك في البداية أنْ تتحدثَ عن المشكلةِ قبل اقتراحِ الحُلول. ليس عيبًا أن تفصحَ عن الفائدةِ المرجُّوة لك، أو أن تسألَ عنها الطرفَ الآخر. بل إن ذلك يجعلُ عملية التفاوضِ أكثرَ وضوحًا وتحديدًا وسُهُولة.
ما الذي يعيقُ الطرفينَ عن إيجادِ حُلولٍ إبداعيةٍ حولَ المشكلةِ مَحِلّ التفاوض؟
١- التسرُّعُ في إصدار الأحكام. لحلِ تلك المشكلة، افصِلْ بين عمليةِ توليدِ الأفكار، واحكُمْ في النِهايةِ علي الأفضل.
٢- سرعةُ النقدِ ورفضُ الأفكارِ الجديدة. لحل تلك المشكلة، شجِّعْ تقديمَ عدةِ خَيارات، بدلًا من انحصارِ العمليةِ في اختيارٍ واحد.
٣- الافتراضُ الخاطئُ بفكرةِ اقتسامِ الكعكةِ. فما يكسِبَهُ طرفٌ، يخسرُهُ الآخرُ بالضرورة. لحل تلك المشكلة، ابحث عن المكاسِبِ المشتركةِ والمصلحةِ المُتبادَلة.
٤- التفكيرُ في أنّ حلّ مشكلةِ الطرفِ الآخر، هو مشكلةُ الطرفِ الآخر ومسئوليتُه. لحلِّ تلك المشكلة، قم بعمل عصفٍ ذهني مع الطرفِ الآخر، جنبًا إلي جنب، لإيجادِ القواسِمِ المشتركة.
اسِّسْ اتفاقياتِكَ على الأمثلةِ السابقةِ والمعاييرِ المُحددة
قبل أن تبدأ، يجبُ أنْ يجِدَ الطرفان مجموعة من الأهداف المشتركة، والمعاييرِ القابلةِ للقياسِ، والتي يمكن استخدامُها لتحديدِ ما إذا كانتِ النتائِجُ عادلةً أم لا. هل هناك معاييرُ تَحْكُم مجَالَ المناقشة، مثلَ لوائحِ الأمانِ على سبيل المثال؟ هل هناكَ معاييرُ يمكن تقييمُها؟ أرقامُ السوقِ العامة؟
إذا استطعت في البدايةِ تحديدَ القواعدِ التي بموجبها ستتفاوض، ستُزيلُ أغلبَ العقباتِ التي من المُحتملِ أن تظهر.
ضعْ إطارًا مُحددًا للتفاهم حولَ كل قضية، وابدأ في بحثٍ مشتركٍ عن معاييرَ موضوعية. الشيءُ المُهِمُ هنا، هو أن كلا الطرفين يختارُ طريقة ويوافقَ عليها. إذا وافق الطرفان على اتّباع مجموعةٍ من المعايير، فمن المُرجّح أن يصلوا لقرار نهائي يروقُ لكليهما. مثلا، تستطيعُ الاستفادةَ من تجارِبِ الآخرين الذين مرُّوا بنفسِ العملية، وتستخدمها كمعاييرَ موضوعيةٍ لإجراء المفاوضات بشكل صحي. أيضًا، من الممكن استخدامُ طريقةٍ عادلة. مثلًا، عند اقتسام قطعة الكيك ”أحدُ الأطراف يقتسم والآخر يختار أولا “.
الاستماعُ بعنايةٍ وإعادةُ صِياغةِ الجُملِ الخاصةِ بك
هناك طريقةٌ مفيدةٌ للغاية للمفاوضاتِ المعقدة، وهي إعادةُ الصياغة. تتمثلُ هذه التقنيّةُ في ترجمةِ كلماتِ الشخص الآخر. هذه التقنيّةُ يمكن أن تساعدَكَ على تحييدِ التعارُضات، واستبدالِ العِباراتِ الصعبةِ التي اُستُخدِمَت. مثلًا، بدلاً من قول: "أنك قُمتَ بعملٍ سيء" ، قل”إن العملَ أقلُ من توقعاتك”.
تساعِدُ إعادةُ الصياغة أيضًا، على إظهارِ الاهتمامِ والاستماعِ الجيدِ للشخص الآخر. ويُعدُّ الإنصاتُ مهارةً أساسيةً للمفاوضاتِ الناجحة. لذلك، للتفاوضِ جيدًا، لخِّصْ النقاطَ التي أثارَها الشخصُ الآخر، وقل له عِباراتٍ مثل:
"بناءً على ما قلتَهُ لي..."
أو "لقد فهمتُ بشكلٍ صحيح عندما قُلْتَ ذلك ..."
و "أنا أفهمُ أنك تشعرُ بهذه الطريقة، لكن من ناحيةٍ أخرى..."
معرفةُ الطرفِ الآخر أنّكَ لا تُهمِلُ أو تتجاهلُ وجهةَ نظره، سيساعدُكَ ذلك على تغيير موقفه
(امتلك خطة (أ) وخطة (ب
قبل التفاوض، تحتاجُ إلى خُطة. يجب أن تتوقعَ كلّ السيناريوهات النهائيةِ الممكنة. ما هو السيناريو الأفضل؟ وما هو أسوأ سيناريو؟ . كيف يمكنك تجنبَ المشاكلِ المحتملة؟ وماذا ستفعلُ إذا لم تتوصلْ إلى اتفاق؟
على سبيل المثال، “إذا لم يكن لديك أيُّ فكرةٍ عن كيفيةِ جني الأموال، لو لم يحدث البيع"، فستشعر باليأس، وستكون في وضعٍ أضعفَ من الطرفِ الآخر، لأنك لا يمكنُكَ تفويتَ عمليةِ البيعِ. لِذا، سترضى بأقلّ مما تستحق.
يجبُ عليك هنا، قضاءُ بعضِ الوقتِ في التفكيرِ في"خُطة ب" والخَياراتِ المتاحةَ، قبل أن تَبْدَأَ التفاوضَ. على سبيلِ المثال، إذا كنت تحاولُ بيعَ منزلٍ لأنك مُفْلِسٌ، ويقترحُ المشترون قيمةً منخفضة جدًا
إذا كانت لديك خطةٌ بديلةٌ في هذه الحالة، وفكّرتَ في الخَياراتِ الممكنةِ بصورةٍ مسبقة، لن تقبلَ بخَياراتٍ سيئة.
ربما لا يزالُ بإمكانك العيشُ في البيت، ولكن مع مُستأجر، أو ربما تُأَجّرُ العقارَ لمدةِ عام، وتنتقلُ إلى مكانٍ أصغرَ وأرخص.
امتلاكُ الخُطة ب ، سيمنحُكَ مزيدًا من القوة. لذا، قبل التفاوض، فكّرْ في قائمةٍ بالإجراءاتِ المُمكنةِ، وقم بتحويلها إلى خطط.
جميع المقالات حصرياً علي موقع مجلتي