كتاب ماكينة الأفكار: كيف يمكن إنتاج الأفكار صناعيًّا (المؤلف: ناديا شنتزلر)
تخيل أنك عائد من العمل ثم تحسست جيبك فلم تجد الهاتف، ماذا سيكون رد فعلك؟
قد تتوتر قليلًا في البداية حتى تتقبل فكرة غياب الهاتف عنك، لكنك سوف تتساءل ولا بدَّ، أين نسيته؟ وكيف نسيته؟ وستدخل في دائرة البحث عن الأجوبة، وهذا هو ما يُسمى بـ"التفكير".
التفكير ببساطة هو البحث عن أجوبة الأسئلة، وعادة ما نقوم به بصورة عشوائية، إلا أن عقولنا تتجه تدريجيًّا نحو التفكير المنظم، فمثلًا بعد نوبة الفزع حين تفقد هاتفك تبدأ في بعض التساؤلات المنظمة: أين نسيته؟ متى استخدمته آخر مرة؟ تتخيل آخر لحظات استعماله وتسترجع الماضي القريب قبل أن تفقده، ثم تحاول الاتصال على نفس الرقم الموجود على الهاتف.
هذه السلسلة من الأفكار والتساؤلات هي ما يسمونه جلسة توليد الأفكار أو العصف الذهني، وهذا العصف الذهني له معايير لو استطعت تعلمها وتطبيقها بصورة صحيحة في حياتك يمكنك حينها التفكير بشكل منهجي ومنظم.
للعصف الذهني
 أربع مراحل رئيسة، وهي كالآتي:
المرحلة الأولى
خلق مزيج كبير من القطع الممكنة لحل الأحجية، ورسم الصورة الكاملة.
المرحلة الثانية
تجميع كل مجموعة من القطع إلى جوار بعضها في مجموعات صغيرة.
المرحلة الثالثة
 خلق سيناريوهات محتملة للحل.
المرحلة الرابعة
اختبار السيناريو الأفضل أو الفكرة الأكثر إبداعًا لتطبيقها.
الأفكار الإبداعية
الفكرة الإبداعية، هي فكرة واضحة محددة تصيب هدفًا معينًا وتحله بدقة، ولها ثلاثة مستويات من حيث الدرجة:

 الاستعارة: وفي هذا المستوى يتم أخذ فكرة ما من مجال معين وتطبيقها في مجال آخر، تمامًا كما أُخذت فكرة جناح الطائرة من أجنحة الطيور.
 الدمج: وفي هذا المستوى يتم أخذ الأفكار البعيدة عن بعضها بعضًا، ودمجها في فكرة واحدة جديدة.
 التحوير: في هذا المستوى يتم تعديل الفكرة النهائية، وإضافة بعض التحسينات إليها لتكون جديدة تمامًا.
جلسة توليد الأفكار
نعود مرة أخرى إلى ما يخص التفكير الإبداعي، ولسنا هنا بصدد التفكير الإبداعي الذي يحدث بشكل عفوي وعشوائي، ولكن هذا التفكير المنظم الذي يقوم على جلسات العصف الذهني بمراحلها الأربع.
وجلسات العصف الذهني لها مبادئ من الضروري تحديدها حتى نحصل على أعلى فائدة ممكنة من الجلسة، وهذه المبادئ مثل: توضيح الهدف واختيار المجموعة واختيار الأفكار وغيرها.
توضيح الهدف
كما أنه لا يمكنك أن تلعب مباراة كرة قدم في ملعب ليس له حدود ومعالم، لا يمكنك أن تبدأ جلسة العصف الذهني دون وجود هدف واضح ومحدد تستكشف الأفكار في إطاره.
تخيل أن مؤسسة خيرية ما يبلغ إجمالي مواردها ألف جنيه، وتريد حل أي مشكلة موجودة في المجتمع، ومؤسسة أخرى لديها نفس الموارد ولكنها تريد مساعدة أطفال الشوارع في حل مشكلة بعينها، أيتهما ستنجح؟ المؤسسة الأولى ستبدأ في وضع كم هائل من الأفكار البعيدة تمامًا عن الواقع بسبب عدم وضوح الهدف، بينما ستبدأ المؤسسة الثانية في العمل مباشرة، لأنها تملك معلومات واضحة حول ما تريد فعله.
 لا بدَّ من تحديد الموقف المبدئي الذي يضم معايير الفكرة التي تريدها، فمثلًا في الفكرة الفائتة -فكرة أطفال الشوارع- لديك معيار أول وهو الوصول إلى أكبر قدر ممكن من هؤلاء الأطفال، ومعيار ثانٍ وهو أن يكون المبلغ المدفوع لا يتجاوز ألف جنيه، وإذا كانت هذه المعايير بديهية لبساطة الفكرة؛ فإن بعض الأفكار المعقدة ستحتاج إلى وقت أطول لتحديد هذه المعايير بدقة.
يشبه تحديد معايير الفكرة التي تريده وتوضيح الهدف البوصلةَ، التي لو فقدتها فقدت الطريق إلى ما تريد، وكلما كان الأمر يتم بوضوح كان الوصول إلى فكرة مبدعة سهلًا، وكلما كانت معايير الفكرة معقدة وغير واضحة؛ فإن الأمر سيتحول إلى فوضى تخرج لنا في النهاية فكرة فارغة من الفائدة.
المجموعة
حتى تتمكن من صناعة ماكينة لتوليد الأفكار لا يكفي فقط وضوح الهدف، ولكن من المهم أيضًا أن تمتلك مجموعة مناسبة تساعدك على عملية توليد الأفكار وفي جلسات العصف الذهني.
وأغلب المجموعات التي يعتمد عليها الناس في جلسات العصف الذهني تكون مجموعات متجانسة متشابهة يكون الأفراد فيها لهم الرؤية نفسها، ومن ثَّم يكون التفكير محصورًا داخل إطار معين.
في هذه المجموعات تختفي تمامًا الأسئلة الجديدة المبهرة وغير المتوقعة، ويختفي الحس النقدي للأفكار المطروحة، ويكون الناتج عبارة عن مجموعة من الأفكار الروتينية الرتيبة.
وحتى نتمكن من تلاشي الوقوع في الفخ السابق، لا بدَّ أن تكون المجموعة من أفراد غير متجانسين، أفراد تختلف الرؤى عندهم وتختلف نظرتهم للحياة، حتى يسهل إلقاء الضوء على المساحات المظلمة غير الواضحة في الفكرة، ومن ثم يمكن توليد أكبر قدر ممكن من الأفكار التي تخدم الهدف النهائي.
وحين تستطيع تحديد هدف واضح وله معايير واضحة، وحين تملك فريقًا يمكنه إدارة نقاش جيد، يمكنك إذًا الذهاب إلى طاولة العصف الذهني.

العصف الذهني هو وضع الذهن في حالة من الجاهزية لتوليد أكبر قدر ممكن من الأفكار، وهي وسيلة موجودة في أغلب المجموعات أو الشركات لحل المشكلات أو تحسين الأفكار، وحتى على المستوى الفردي يمكنك استخدامها لتوفير الأجوبة وحل المشكلات الطارئة.
فكرة جلسات العصف الذهني قائمة على تشكيل حلقة من العقول المختلفة للتفكير في وقت واحد في حل مشكلة ما.
وقد يتصور بعض الناس أنهم غير مؤهلين لهذا الأمر بسبب بعض العوائق النفسية التي تعود إلى التنشئة الاجتماعية، كالخوف من حكم الآخرين عليهم، أو محاولة الظهور كأشخاص عقلاء ناضجين، أو الخوف من السخرية أو غير ذلك، والحقيقة أن الناس لديهم قدرة على التفكير الإبداعي أكبر مما قد يتصوره إنسان، وكل ما تفعله جلسات العصف الذهني هو تقديم مفتاح للتخلص من هذه العوائق عن طريق إشعارهم بالراحة والحرية في أثناء تقديم أفكارهم.
وحتى تضمن الأريحية للمشاركين في جلسات العصف الذهني، لا بدَّ من وضع خمسة قوانين لإدارة الجلسة:

ليس مسموحًا لأحد تقييم أفكار الآخرين مهما كانت.
* ليس مسموحًا الخروج من مرحلة صناعة الأفكار لمرحلة كيفية التنفيذ، فهذا الأمر له جلسة مخصصة.
*التركيز يكون على الكم وليس الكيف، بمعنى أن الهدف هو الخروج بأكبر قدر ممكن من الأفكار.
* يُسمح بالبناء فوق أفكار الآخرين أو تكرارها، لأن الأفكار ملك للجميع، ومن الممكن تحوير الأفكار المطروحة والوصول إلى فكرة جديدة.
*المبادرة والسرعة في طرح الأفكار المهمة، مهما كانت الفكرة غريبة أو مستحيلة، فهذا يساعد على الاسترخاء والأريحية في طرح الأفكار، وينمي كذلك القدرة على التخيُّل وتوليد أفكار جديدة.
بهذه القواعد تكون قد استوفيت كل الطرق للحصول على جلسة عصف ذهني مناسبة لتوليد الأفكار التي تساعدك على حل المشكلة.
التكثيف
بعد انتهاء المرحلة الأولى الخاصة بجمع الأفكار، تأتي المرحلة الثانية التي نتحول فيها من الكم إلى الكيف، ويتم فيها فرز كل الأفكار واستخراج أكثر الأفكار التي تخدم الحل الذي نريده، فالمهم في هذه المرحلة هو الكيف وليس الكم.
من المهم أيضًا في هذه المرحلة أن تكون المجموعة غير متجانسة لأن كل متخصص سينظر إلى الفكرة من منظوره الخاص، فمثلًا متخصص التسويق سينظر إلى الفكرة من جهة قابلية تسويقها من عدمه، بينما ينظر الشباب إلى الأفكار العصرية، بينما ينظر العميل إلى السعر.. إلخ.

 ومن جهة أخرى بعيدة عن التخصص فكل إنسان له أسلوب استجابة خاص، فبعض الناس يفضل التنبيه البصري، وبعضهم يفضل التنبيه السمعي، وكل هذا يثري عملية التكثيف والدمج ويخدمها للخروج بفكرة مناسبة في نهاية الأمر.
في هذه المرحلة يسمح بوجود تعبيرات قاتلة كأن ينسف أحدهم فكرة آخر، حتى تتم عملية تصفية وتنقيح الأفكار الموجودة بشكل أكثر موضوعية.
وفي هذه المرحلة أيضًا يأتي دور التطبيق والتقييم، هل هو ممكن أم لا؟ وما نسبة نجاحه وفشله؟ وفي هذا الجزء يوجد نوعان من الأسئلة يفضل استخدامهما:

النوع الأول: الأسئلة المفتوحة
وهي أسئلة عامة فضفاضة لا يمكن تقييمها، ولكنها توفر منظورًا أوسع للفكرة، مما يسمح بخروج أفكار أخرى داخل عقول المجموعة الموجودة.
النوع الثاني: الأسئلة الشاملة
وهي أسئلة محددة يمكن تقييمها وقياس الإجابة الخاصة بها على مقياس واحد من عشرة، كالمفاضلة بين فكرتين مثلًا.
اختيار الأفكار
هي المرحلة الأخيرة والهدف منها ليس اختيار الفكرة الأجمل التي تنال إعجاب الجميع، ولكن اختيار الفكرة الأكثر قابلية للتنفيذ والأكثر واقعية.

الاعداد من قناة اخضر الشهيرة و الذائعة الصيت في الشرق الاوسط و المعروفة بتلخيصها لكافة الكتب و المواضيع بشكل بسيط و مفهموم للجميع للرجوع الى فريق عمل اخضر 

facebook  l website l twitter l instagram l Youtube


جميع المقالات حصرياً علي موقع مجلتي