العالم كله يتابع هذه الأيام بتخوف وقلق كبير جدا موضوع فيروس الكورونا القاتل، لا صوت يعلو فوق كورونا حلقات فضائية فيديوهات هاشتاجات وتريندات على فيسبوك وتويتر، هذا الفيروس الذي بدأ في الصين من حوالي ثلاثة اشهر ، واتنقل بصورة أخف لدول اخرى، ومما يؤكد أن الأمر ليس سهلاً- إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطواريء، والتخوف الأكبر أن يتحول لوباء ساعتها سيكون خطرعلى العالم كله، وظننا بربنا الكريم أن هذا لا يحدث، ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شره، ويرفع البلاء عن الناس أجمعين.
في هذا المقال تأكيد على بعض النقاط الهامة حول تعامل القرآن مع كورونا وغيره:
أولا: اطمئن .
(قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (5التوبة:51)
نحن تحت مشيئة الله وقدره ، هو سيدنا وملجؤنا ونحن متوكلون عليه ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (التغابن:22)
ولذلك اطمن وطمن قلبك كل شيء مكتوب ومقدر قبل أن تخلق الدنيا ب 50 ألف سنة ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
ثانيا: الأخذ بأسباب الوقاية ضرورة
هل معنى هذا أن نترك الأخذ بأسباب الوقاية؟ بالعكس فلا يكتمل التوكل إلا بالأخذ بألأسباب قدر المستطاع وإلا كان تواكلاً وإهمالا.
وبالتالي كأفراد ومجتمع يجب الأخذ بأسباب الوقاية والاستعداد الطبي الكامل الشامل والتوعية بأعراضه وطرق الوقاية منه والتي منها:
1- غسل اليدين بانتظام.
2- تغطية الأنف والفم عند السعال والعطس باستخدام المنديل.
3- تجنب لمس العينين أو الأنف أو الفم باليد.
4- البقاء في المنزل من العمل أو المدرسة في حالة ارتفاع في الحرارة.
5- الابتعاد عن الأشخاص الذين لديهم علامات على وجود عدوى في الجهاز التنفسي، مثل الزكام والسعال والعطس.
6-الحفاظ على رطوبة الفم بكثرة شرب السوائل ونحو ذلك.
ومراجعة الطبيب عند وجود أي أعرض والتي تكون مشابهة للأنفلونزا والتي منها: السعال، الحمى، ضيق في التنفس الغثيان، القيء، الإسهال، التهاب الشعب الهوائية.
ثالثا: وما يعلم جنود ربك إلا هو
تخيل ان هذا الفيروس صغير لا يرى بالعين المجردة يرعب العالمبأسره وحاصر مدن كاملة بالملايين ولا احد يستطيع ان يخرج من بيته، وهذا يؤكد نقطة مهمة جدا وهي(الضعف البشري)العالم المتقدم االذين وصولوا الى القمر وغاصوا في أعماق والتكنولوجيا والإنسان الآلِي، وقفوا عاجزين أمام قدرة ربنا التي تَمَثّلت في فيروس جندي صغير من جنود ربنا وما يعلم جنود ربك إلا هو، الصين التي كانت لأحد مسئوليها تصريح بأنه لا أحد يقدر على الصين، ولا يخفى ما تفعله بالمسلمين الإيجور، فيكون تحذير الله ويقول لهم اتعظوا واعتبروا واعرفوا حجمكم مهما تقدمتم في العلم، أنتم تحت قبضة الله الذي أمهلكم وصبر عليكم وعلى إلحادكم وبعدكم عنه وحاربتم أولياؤه. وصدق ربنا لما قال (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (الانفطار: 6)
رابعا: عظمة الإسلام في تشريعاته وحمايته لدنيا المسلم
وهذا يتضح من ناحيتين:
1- في تحريم أكل حيوانات معينة
البحوث الأوليه كانت أظهرت أن الڤيروس انتقل من الحيوانات وبالذات الأفاعي الخفافيش، ثم بعد ذلك أكدت دراسات أخرى أن الفيروس بسبب حيوان «آكل النمل الحرشفي»
في الصين يتم أكل كل شيء يتحرك، جميع الكائنات من اللحوم المتعارف عليها إلى لحوم الكلاب والقطط والافاعي والعقارب والفيران والخفافيش وآكل النمل ...الخ
وهذه كائنات محرم اكلها ، والدرس هنا إن ربنا لما يحرم شيء يحرمه لمصلحة ما وعندما يأمر يأمر لمصلحة (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) ولذلك وجب ان نطيع ونستجيب ونستمع
2- الاعجاز النبوي في التعامل مع الأمور دي ففي الحديث(إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا كنتم فيها فلا تخرجوا منها)
وهذا يسمى بالحجر الصحي الذي أخبر به النبي وأرشد إليه قبل 1400 عام ، وتطبقه الصين في مدينة ووهان التي ظهر فيها الفيروس، والدرس هنا عظمة ديننا وأنه دين يحافظ على الإنسان في دنياه ودينه وآخرته، ويجعل المسلم يزداد تمسكا ويقينا بأنه دين الحق والخير.
ولابد أيضا من الاستفادة من هذا ، وعموم الاطباء اكدوا ان من اللازم عزل الاشخاص القادمين من الصين مدة شهر على الاكثر لأن الكورونا كفيروس يظل شهر كحد أقصى قبل أن تظهر أعراضه.
خامسا: كورونا ابتلاء أم عقوبة؟
القرآن دائما يعطينا تصوراً لكل شيء، الدنيا أصلا دار ابتلاء واختبار والآخرة دار جزاء، الكوارث والآيات والزلازل الفيروسات وما شابه تكون للاتعاظ والاعتبار والتخويف، وهذا ما أكده القرآن ، قال تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا)
الغرض من هذه الكوارث تأديب العصاة والمفسدين، وتنبيه الناسين والغافلين، واختبار وابتلاء المؤمنين، وهذا لا يمنع أن يكون هناك عقاب أحياناً لكن لا يستطيع أحد الجزم بذلك من عدمه والله وحده يعلم هذا، ولذلك نحن لسنا مخولين بمحاسبة الناس.
سادسا: اللهم لا شماته
مع ما نسمعه من تعذيب الإيجور على يد المجرمين الصينين، لكن لا تجوز الشماتة بمن تصيبهم الكوارث لكفرهم أو لمعصيتهم، وإنما علينا أن نقوم بواجبنا تجاههم -كبشر كرمهم الله- بالإغاثة والمعونة،وإنما باتباع ما أمرنا الله ورسوله في هذا الصدد. يقول تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)
و ذكر في السيرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أهل مكة خمسمائة دينار حين أصابهم القحط، وأمر بدفع ذلك على فقراء أهل مكة، فقبل ذلك أبو سفيان، وأبى صفوان وقال: مايريد محمد بهذا إلا أن يخدع شبابنا".
ولا يخفى أن أهل مكة كانوا مشركين محاربين للنبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك ساعدهم في محنتهم.
وليس معنى هذا أن الإنسان لا يفرح بما يصيب من يعذب المسلمين أو يظلمهم وإنما نفرق بين المحاربين وبين عوام الناس من جهة، ومن جهة أخرى إظهار عظمة الإسلام ورحمته عند تعرضهم لمثل هذه الكوارث، كأننا نقول لهم بلسان الفعل: مهما كانت إساءتكم فإننا مامورون برحمتكم ومساعدتكم، ولاشك أن هذا يجعلهم يعيدون النظر للإسلام وغالبا ما يكون سببا في دخولهم في دين الله أفواجا
سابعا: هناك دعائين من اللازم المواظبة عليهم وسيكون لهم الأثر الكبير في حمايتك بإذن الله تعالى من كل مرض تخاف منه :
1-اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيئ الأسقام. وهي تشمل أي مرض.
2- (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا) تحفظ الأموال والأولاد وغيرهما من البلاء. قال صلى الله عليه وسلم:(من رآى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ، لم يصبه ذلك البلاء )
ولكن في سرك حتى لا يحزنه ذلك، واحذر من الشماتة بأحد.
أسأل الله أن يرفع البلاء عنا وعن بلادنا والمسلمين والناس أجمعين.
#شير_يا_كرام
#الباش_متدين
د. احمد عبدالحميد
باحث في الشؤون الاسلامية