قصة تجربة إنسانية

شكراً ياالله حتى يبلغ الشكر منتهاه ، على السماح لي بالتواجد بهذه الدنيا ، لا أعرف كيف جئت ولكني علمت في البداية أني إنسان ، علمت أن من قام بصناعتي هي أمي وأبي . 

وبيتي هو بوتقة بشرية مصنوعة من مراية عملاقة  كانوا يسمونها قبل أن أعرف حقيقتها بالدنيا ، وكانت جميلة ، وكنت بها سعيدة . ولكن كلما أكبر اكتشف أن هذه البوتقة ؛ كلما اكتضت بالأنفس  تأخذ بعمل شقوق ،تتكسر لأجزاء أراها في البداية زينه ثم أجدها  تتفرع بشكل مستمر ولا تتوقف ، تُظهر لي وجوهاً ؛أحياناً سمحة وأحياناً مخيفة ، تقوم ببث قنوات المتاهة ،والأسرار الضائعة على شكل صور وأفلام وكلمات وإيحاءات جسدية . 

من هنا تاهت صورتي بين أجزاء المرايا المتكسرة فخفت وتهت .

أين أنا ؟! أين مريم ؟!  لا أرى صورتي ولا صورتها . 

عندها سمعت صوتاً بداخلي يحثني على البحث، والتأمل والتفكّر ؛ في من أنا ؟ 

وأين أنا ؟

وكيف ؟ وكل أصدقائي أدوات الاستفهام والتعجب .

ويستمر الصوت بالتواصل معي قائلاً  بكل جمال وحنان : أنتِ لست جسداً لتري صورتك المتجسدة بإسم أوشكل ، بل أنتِ روح في مرآة الحياة .

أخذت أتساءل : روح ؟! ، أنا روح ؟! 

وتذكرت أول كلمة نزلت في القرآن الكريم  : إقرأ وعنتْ لي هذه الكلمة الكثير ، إنها ليست كلمة فقط للقراءة فهناك من لا يعرف القراءة ، لا بل هي تعني أبحث ، تعلّم واجمع معلومات بكل الطرق ؛ بالقراءة والسؤال والتأمل والتفكّر ....هنا شعرت بأن مصدر الصوت بداخلي فوجهت أدوات البحث والتقصي لعالمي الداخلي ، وأشعلت نور الحب الإلهي ،وعرفت ذاتي واكتشفت عالم الفضاء الداخلي الذي علي به الانطلاق لرحلة عودة مسيرة الروح . فقررت الخروج من المرآة إلى عالم الروح إلى مصدرها ، ورأيتها أمامي تناديني لأقترب ، واقتربت بشوق وغبطة ،ورأيت العجب العجاب رأيت الجمال الذي يأخذ بالألباب ووجدت الوفرة في كل شيء .رأيت نور الأصل يشع دافئاً حنوناً رائعاً بجمال الحق والحقيقة .

وعرفت أني روح من الأرواح ، جاءت تعبّر عن تجربة إنسانية أرادها الله الخالق العظيم بأن تكون .

فعظمته سبحانه في : 

( كن فيكون ).

د. مريم الرجيب