ولقد كان إبليس فيلسوفًا وعالمًا ومجادلًا وكان يبهر الملائكة بعلمه وفلسفته حتى لقد سموه طاووس العابدين لفرط زهوه بعلمه وعبادته .. وقد ظل سبعين ألف سنة يعبد ويتفلسف ويجادل .. والملائكة يتحلقون حوله يستمعون ويعجبون .. 


ولكن الله كان يعلم أن هذا المخلوق المختال المزهو المتكبر الذى يحاضر فى المعرفة الإلهية هو أقل مخلوقاته معرفة به وأن كلامه لا يدل على قلبه ..


وإنما سيد الأدلة على المعرفة وعدمها هو السلوك عند الأمر والنهى - ساعة يتصادم الأمر مع الطبع والهوى ويجد المخلوق نفسه أمام الاختيار الصعب -  وهذا ما حدث حينما جاء أمر الله لإبليس بالسجود فشق ذلك على كبريائه واستعلائه وزهوه وساعتها نسى ماكان يحاضر فيه منذ لحظات ..


 نسى مقام ربه العظيم وجلاله وعظمته ولم يذكر إلا أنه مأمور بالسجود ولمن ؟! .. لبشر من طين وهو المخلوق من نار فرد الأمر على الامر وجادل ربه .. كأنه رب مثله ..


(( قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين ))

(( قال أأسجد لمن خلقت طينا ))


وسقط إبليس مع أجهل الجاهلين فما عرف إبليس ربه حين جادله وحين رد الأمر عليه ..


ولم تغن النظريات التى كان يدبجها ولا الحذلقات التى كان يبهر بها الملائكة والتى كان يصور بها لنفسه أنه سيد العارفين ..

وإبليس اليوم هو العقلانية المزهوة المتكبرة فى سلوك وفكر الإنسان العصرى ..


إبليس هو التعجرف العقلانى فى الفلسفة الغربية ..


وهو الإرهاب الفكرى الأيدولوجيات المادية ..


وهو العنصرية عند ال y هو d ..


وهو سيادة الدم الأزرق النا ز ية ..


وهو وهم الجنس المختار عند البروليتاريا ..


وهو فكرة السوبر مان عند نيتشه ..


فكل ذلك هو الجهل والكبر وإن تسمى بأسماء جذابة كالعلم والفلسفة والفكر ..


والحيوان عنده علم أكثر من علم هؤلاء الناس ..


الراحل الرائع

د مصطفى محمود 

من كتــاب " نار تحت الرماد "