ظاهرة الضباب:-
هي انخفاض مدى الرؤية في الجو لتصبح أقل من ألف متر أو تساويها، وذلك بسـبب وجود قطيرات الماء أو ذرات الجليد الصغيرة المعلقة في الجو.
ومع انقشاع الضباب وتحسن الرؤية الأفقية لتصبح أكثر من ألف متر يغدو اسم الظاهرة: الشابورة المائية.
ويجب التمييز بين ظاهرتي الضباب والشابورة من جهة، والظواهر الأخرى التي تقلل من مدى الرؤية الأفقية كظاهرة السديم ، إذ يمكن أن تنخفض الرؤية إلى عدة أمتار.
وفي الحالة الأخيرة تكون الرطوبة النسبية منخفضة جداً بخلاف ظاهرتي الضباب والشابورة.
أنواع الضباب وأسباب نشوئه:-
ترتبط ظاهرة الضباب بالرطوبة النسـبية ودرجة الحـرارة وسـرعة الرياح وغطاء الغيوم واستقرارية الجو الحرارية وغيرها.
ويتباين دور هذه العوامل بتباين أنواع الضباب المختلفة والتي نميز منها:-
ضباب التبريد cooling fog: يُعد انخفاض درجة الحرارة أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى تكاثف بخار الماء في الهواء وتشكل القطيرات المائية. وطبقاً للعملية التي تؤدي إلى تبريد الكتل الهوائية ويتم تمييز عدة أنواع من ضباب التبريد:-

الضباب الإشعاعي radiation fog: يتشكل هذا النوع من الضباب بفعل تبريد سطح الأرض نتيجة لفقدان سطح الأرض حرارته بفعل إشعاعه الذاتي للأشعة تحت الحمراء، والذي يؤدي عادةً إلى تبريد سطح الأرض بمعدل درجة واحدة كل ساعة.
حيث يبدأ التبريد بادئ الأمر في طبقة الهواء الملامسة لسطح الأرض، ثم ينتقل إلى الأعلـى وفق مبادئ انتقال الحرارة في الجو.
ومع انخفاض درجة حرارة الهواء الجافة ، تقترب قيمة هذه الأخيرة من قيمة حرارة نقطة الندى ، وتزداد بالتالي قيمة الرطوبة النسبية حتى تبلغ حدّ الإشباع.
عندها تبدأ عملية تكاثف بخار الماء في الهواء، وتبدأ الرؤية بالانخفاض تدريجياً حتى الوصول إلى ظـاهرة الضباب.
وتساعد الرياح الضعيفة على نشوء هذا النوع من الضباب، إضافة إلى الرطوبة النسبية العالية في الجو.
ضباب المنحدرات mountainous rising fog: تحدث هذه الظاهرة عند تسلق الكتلة الهوائية المستقرة ببطء سفوح الجبال وتبريدها بشكل مكظوم adiabatic.
وبتوفر الرطوبة المناسبة في الجو، يبدأ بخار الماء في هذه الكتلة الصاعدة بالتكاثف بعد وصوله إلى حدّ الإشباع، وتشرع بعدها القطيرات بالتشكل وتتكاثر حتى تؤول إلى ظاهرة الضباب.




الضباب الانتقالي advection fog: يتشكل هذا النوع من الضباب عند انتقال كتلة هوائية دافئة فوق سطح الأرض الأبرد نسبياً مما يؤدي إلى التبريد غير المكظوم non adiabatic لهذه الكتلة.
يبدأ التبريد عند سطح الأرض وينتشر نحو الأعلى في طبقة الجو القريبة من سطح الأرض.

ومما يساعد على حدوثه الرطوبة النسبية العالية في الكتلة الدافئة، والفرق الكبير بين درجة حرارتها ودرجة حرارة الأرض، والرياح البطيئة، والاستقرارية الجوية المتوسطة.




ضبـاب المـزج mixing fog : يحصل هذا النوع من الضباب عندما تكون كل من الكتلتين المتمازجتين ذات رطوبة نسبية عالية، وقريبتين من حد الإشباع، ودرجة حرارتهما مرتفعة نسبياً والفرق بين درجتيهما كبيراً. في هذه الظروف يؤدي أي انخفاض في درجة الحرارة المتوسطة للكتلتين بسرعة إلى الإشباع في الكتلة الجديدة، وذلك لخصوصية علاقة ضغط بخار الماء المشبع بدرجة الحرارة.
ضباب الجبهات الهوائية air masses frontal fog: يحدث هذا النوع من الضباب نتيجة امتزاج كتلتين هوائيتين دافئتين بدرجتي حرارة مرتفعة نسبياً. وتُسهم في ذلك زيادة رطوبة الهواء بفعل التبخر من سطح الأرض ومن قطرات المطر المتساقطة من الغيوم. وهكذا يشترك أكثر من عامل في تشكيل هذا النوع من الضباب. وبسبب التعقيدات في الظروف الجوية والفيزيائية التي تحدث في الطبيعة؛ فكثيراً ما تتضافر عوامل مختلفة لتؤدي إلى حدوث ظاهرة الضباب. هذا ويُعد الضباب الانتقالي أكثر أنواع الضباب استمراراً، إذ سجلت حالات استمر فيها هذا النوع لأكثر من مئة ساعة، في حين يستمر الضباب الإشعاعي لعدة ساعات، وترتبط الأمور بالمسار اليومي لدرجة الحرارة من خلال تأثير الأشـعة الشمسـية المباشرة وامتصاصها وإضعافها من قبل قطيرات الضباب نفسه.

الضباب والإنسان:-
إعاقة الضباب لوسائل النقل:-
إن أكثر ما يبرز جلياً من أخطار الضباب هو إعاقته للمواصلات والنقل بكل أشكاله الجوي والبحري والبري، حيث يتسبب الضباب في إلحاق خسائر مادية كبيرة، إضافة للخسائر البشرية التي تحصل نتيجة الحوادث التي يسببها.
وقد طُورت أنظمة متعددة من أجل تبديد الضباب خاصة في المطارات وعلى طرق المواصلات السريعة.
الأضرار الصحية للضباب:-
تظهر الآثار الصحية الضارة للضباب على المرضى المصابين بالآفات الرئوية والتي يؤدي الضباب إلى تفاقمها، وخاصة إذا حوت ذرات الضباب على تراكيز حامضية، إذ يتضاعف تأثيرها في الإنسان والممتلكات المادية والأثرية والزراعية فتسرع في تلفها وتآكلها وتدميرها.
المصادر:-
S.Petterson, Weather Analysis and Forecasting,Vol. II, (Mc Graw - Hill Co. New York 1956).
إبراهيم عيد، فيزياء الجو والأرصاد الجوية العامة 1989.